قال
الله
تعالى :{وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إيّاه وبالوالدين إحسانا إمّا يبلغنّ
عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لّهمآ أفّ ولا تنهرهما وقل لّهما قولا كريما .
واخفض لهما جناح الذّلّ من الرّحمة وقل رّبّ ارحمهما كما ربّياني
صغيرا}[الإسراء:23-24]
وَفِي الْصَّحِيْحَيْن عَن
أَبِي هُرَيْرَة رَضِي
الْلَّه عَنْه قَال: جَاء رَجُل
إِلَى رَسُوْل
الْلَّه صَلَّى
الْلَّه عَلَيْه وَسَلَّم فَقَال: يَا رَسُوْل
الْلَّه ! مَن أَحَق الْنَّاس بِحُسْن صَحَابَتِي؟ قَال: "أُمِّك" قَال: ثُم
مِن؟ قَال: "أُمِّك" قَال: ثُم مِن؟ قَال "أُمِّك" قَال ثُم مَن؟ قَال: "أَبُوْك".
وَهَذَا الْحَدِيْث مُقْتَضَاه أَن يَكُوْن
لِلْأُم ثَلَاثَة أَمْثَال مَا لِلْأَب مِن الْبِر وَذَلِك لِّصُعُوْبَة الْحَمْل
ثُم الْوَضْع ثُم الرَّضَاع فَهَذِه تَنْفَرِد بِهَا الْأُم وَتَشْقَى بِهَا ثُم
تُشَارِك الْأَب فِي الْتَّرْبِيَة وَجَاءَت الْإِشَارَة إِلَى هَذَا فِي قَوْلُه
تَعَالَى: {وَوَصِيّنَا الْإِنْسَان بِوَالِدَيْه حَمَلَتْه أُمُّه وَهْنا عَلَى
وَهْن وَفِصَالُه فِي عَامَيْن} [لُقْمَان:14].
فَلْيَحْذَر كُل عَاقِل مِن
الْتَّقْصِير فِي حَق وَالِدَيْه فَإِن عَاقِبَة ذَلِك وَخَيْمَة وَلْيُنَشِّط فِي
بِرِّهِمَا فَإِنَّهُمَا عَن قَرِيْب رَاحِلِيْن وَحِيْنَئِذ يَعَض أَصَابِع
الْنَّدَم وَلَات سَاعَة مَنْدَم. أَجَل إِن بِر الْوَالِدَيْن مِن شِيَم
الْنُّفُوْس الْكَرِيْمَة وَالْخِلَال الْجَمِيْلَة وَلَو لَم تَأْمُر بِه
الْشَّرِيعَة لَكَان مِدْحَة بَيْن الْنَّاس لْجَلِيل قَدْرِه كَيْف وَهُو عِلَاوَة
عَلَى ذَلِك تُكَفِّر بِه الْسَّيِّئَات وَتُجَاب الْدَّعَوَات عِنْد رَب
الْبَرِيَّات وَبِه تَنْشَرِح الْصُّدُوْر وَتُطَيَّب الْحَيَاة وَيَبْقَى
الْذِّكْر الْحَسَن بَعْد الْمَمَات.
الْلَّهُم اغْفِر لَنَا وَلِوَالِدَيْنَا
وَارْحَمْهُم كَمَا رَبَّوْنَا صِغَارا وَاجْزِهِم عَنَّا خَيْر مَا جَزَيْت بِه
عِبَادَك الْصَّالِحِيْن وَصَلَّى الْلَّه وَسَلَّم عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّد
وَعَلَى آَلِه وَصَحْبِه
___________________________